قصة ارتداء ريال مدريد اللون الأبيض.. كورينثيان يلهم جونسون
تُروى قصة ارتداء ريال مدريد اللون الأبيض كجزء من هوية النادي، فهو الذي منح الفريق ألقاباً مميزة مثل “لوس بلانكوس Los Blancos” التي تعني البيض، و”لوس ميرينغيس Los Merengues” وهو لون حلوى المارينغ الإسبانية.
وصنع النادي الملكي تاريخه العريق على المستوى المحلي والقاري مرتدياً القميص الأبيض “الأسطوري”، الذي أصبح أحد أكثر الأزياء تميزاً، ورمزاً عالمياً لا يقل شهرة وقيمة عن قميص المنتخب البرازيلي الأصفر.
قصة ارتداء ريال مدريد اللون الأبيض.. حقيقة أم أسطورة
اختلفت الأقاويل حول اعتماد ريال مدريد اللون الأبيض في قميصه الأساسي، إلا أن الرواية الأكثر شيوعاً ربطت بين النادي الإسباني وفريق “كورينثيان إف سي” الإنجليزي، الذي تأسس في عام 1882، وكان يرتدي القمصان البيضاء.
واشتهر كورينثيان بالقيم الرياضية العالية وأسلوبه الأنيق في اللعب، ويقال أن آرثر جونسون، اللاعب والمدرب الآيرلندي الذي كان من بين أوائل من ساهموا في تأسيس ريال مدريد، قد تأثر بهذا الفريق عندما شاهده يلعب في لندن.
ورغم عدم وجود دليل موثق على حضور آرثر جونسون لمباريات “كورينثيان”، إلا أن تأثير الفريق كان واسع النطاق، ويُرجّح أن جونسون استوحى فكرة ارتداء الأبيض تيمناً بروحهم وطريقة لعبهم.
وامتد أثر كورينثيان للعالم أجمع، ففي عام 1904 زاروا العديد من الدول بما في ذلك جنوب إفريقيا والولايات المتحدة والبرازيل – حيث أسست مجموعة من عمال السكك الحديدية في ساو باولو فريقاً على شرفهم يسمى كورينثيانز في عام 1910.
بالمقابل، يقدّم الصحفي الإسباني “ألفريدو ريلانيو” تفسيراً آخر لاختيار ريال مدريد اللون الأبيض.
ويقول ريلانيو إنه في بدايات كرة القدم، كان اللاعبون يرتدون ما لديهم من ملابس يومية تحت أزيائهم، وكانت هذه الملابس غالباً تكون بيضاء. وعندما تم استيراد الزي الرسمي لكرة القدم من إنجلترا، قرر ريال مدريد الاحتفاظ باللون الأبيض كجزء من هويته.
تأثير القميص الأبيض على كرة القدم العالمية
تحول القميص الأبيض إلى أكثر من مجرد زي رياضي وبخاصة مع بداية الخمسينيات، حيث حقبة سيطرة ريال مدريد على أوروبا.
ففي موسم 1955-1956، استبدل ريال مدريد جواربه الزرقاء بجوارب بيضاء لتكون أكثر وضوحاً في المباريات الليلية.
وقد ساعدت اللقطات التلفزيونية بالأبيض والأسود في ترسيخ صورة أسطورية للفريق بالزي الأبيض الكامل. حيث بدا اللاعبون وكأنهم “أشباح” تتحرك تحت الأضواء الكاشفة، تسيطر على الملاعب الأوروبية.
وكان المدرب الإنجليزي الشهير “دون ريفي”، أحد الذين تأثروا بتلك الصورة الأسطورية للقميص الأبيض، حينما شاهد ريال مدريد يسحق آينتراخت فرانكفورت الألماني بنتيجة (7-3) في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1960.
وشهدت المباراة تألقاً غير عادياً للنجمين فيرينك بوشكاش وألفريدو دي ستيفانو، تلك التجربة الساحرة دفعت دون ريفي لاحقاً إلى تغيير زي فريقه “ليدز يونايتد” الإنجليزي إلى اللون الأبيض في محاولة لتحويله إلى “ريال مدريد الكرة البريطانية”.
ورفض ريفي العديد من الأفكار الإبداعية التي اقترحها صديقه الفنان “بول تريفيلون” لإضافة تفاصيل زرقاء إلى قميص ليدز، وتمسك باللون الأبيض الكامل، مُعتقداً بقوته البصرية وتأثيره النفسي.
رمز رياضي أسطورته باقية، ونجاح تجاري لا يقارن
مع مرور الزمن، تحوّل قميص ريال مدريد الأبيض إلى مصدر هائل للإيرادات. وفي عام 1982، أصبح شعار شركة “زانوسي” أول راعٍ يظهر على قميص الفريق.
ويجني اللوس بلانكوس مئات الملايين من عقود الرعاية التجارية في وقتنا الحالي، حيث أبرم صفقة ضخمة مع “أديداس” تمتد حتى عام 2028، وتعد الأكبر في تاريخ كرة القدم بقيمة تقدر بمليار يورو، علماً بأن أول تعامل حدث بين العملاق الإسباني والشركة الألمانية كان في موسم 1980.
وعلى الرغم من التغيرات التي طرأت على تصميم قميص ريال مدريد الأساسي باللون الأبيض، بما في ذلك إضافة شعارات الرعاة وعناصر تجارية أخرى.
سيبقى القميص الأبيض لريال مدريد رمزاً خالداً في عالم كرة القدم، ولا يمكن لأي قميص حديث أن يقارن بالسحر الذي حمله الجيل الذهبي في الخمسينيات بقيادة دي ستيفانو وبوشكاش مروراً بصحبة راؤول جونزاليس ورونالدو نازاريو وزين الدين زيدان، وصولاً إلى حقبة كريستيانو رونالدو ولوكا مودريتش وتوني كروس، ولاحقاً فينيسيوس جونيور وكيليان مبابي.
وكما يصف ألفريدو ريلانيو، فإن تلك اللحظات التي شهدت هيمنة ريال مدريد في الليالي الأوروبية كانت بمثابة “سحر لا يُقارن لأشباح تتحرك تحت الأضواء الكاشفة”، لتُخلد تلك الصور بالأبيض والأسود في ذاكرة الجماهير إلى الأبد حتى في عالم الألوان.
اقرأ ايضاً